ایکنا

IQNA

الأب عبدو أبو كسم في حديث لـ"إکنا":

الامام موسى الصدر كان رمزاً من رموز الحوار المسيحي ـ الإسلامي

14:31 - September 02, 2020
رمز الخبر: 3478020
بيروت ـ إکنا: أكد رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام في لبنان، "الأب عبدو أبو كسم" أن الامام موسى الصدر كان رمزاً من رموز الحوار المسيحي ـ الإسلامي، مبيناً أن أصبح يتكلم الامام الصدر في المساجد والكنائس وفي الحسينيات عن ضرورة محافظة على كينونة لبنان وعلى حماية لبنان من أيّ استهداف.
الأب الدكتور عبدو كسم:
وقال الأب الدكتور عبدو كسم: نحن اليوم في لبنان في هذا الظرف بالذات أحوج ما نعود إلى أفكار الإمام المغيب موسى الصدر الذي تكلم عن بلد لبنان بلد رسالة وقال: إنّ الطوائف في لبنان نعمة وامّا الطائفية فهي نقمة.

 أجرت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إكنا) حواراً مع "الأب الدكتور عبدو كسم" حول ذكرى اختفاء الــ42 للإمام السيد موسى الصدر:

إكنا- ما هو تأثير أفكار الإمام السيد موسى صدر على المقاومة الإسلامية؟
 
الأب الدكتور عبدو كسم:  إنّ الإمام الصدر هو من أسس المقاومة الإسلامية في لبنان وبالتالي هو الذي وضع لها الأسس والأفكار التي أصبحت تتبلور يوماً بعد يوم. فهو وقف في وجه العدو الإسرائيلي وقال لن نسمح بعد اليوم أن تُستباح أرضنا وأجواءنا وشعبنا وأن نكون في مرمى العدو الإسرائيلي. أسس أفواج المقاومة الإسلامية، يسمّى بحركة الأمل. أصبح يتكلم في المساجد والكنائس وفي الحسينيات عن ضرورة محافظة  على كينونة لبنان وعلى حماية لبنان من أيّ استهداف.
 
وبالتالي طبع المقاومة الإسلامية بطابع التمسك في الأرض والمحافظة على التراب وحماية الجنوب اللبناني وبالتالي حماية كل لبنان. ومن أشهر العبارات التي قالها في تأسيس أفواج المقاومة الإسلامية لحركة أمل :"أنتم كأمواج البحر متى توقفتم، انتهيتم". هذا يعني أنّه كان يقول لهم المقاومة لا تنام، المقاومة لاتستسلم، المقاومة يجب أن تكون في حركة دائمة هدفها الأول والأخير حماية لبنان من أيّ إعتداء خارجي والمحافظة على كرامة الشعب اللبناني. هكذا وعلى هذه الأسس انطلقت المقاومة الإسلامية التي أسسها الإمام الصدر. بالتوازي مع هذه المقاومة بنى الإمام الصدر ما يسمّى بالمقاومة ضد الظلم وردّ الفقر، والجنوب اللبناني كان مهملاً وهو حارب هذا الفقر وهذا الظلم اللاحق في المناطق الجنوبية وطالب بإنماء هذه المناطق بالتوازي مع سواها من المناطق اللبنانية وحاول جاهداً أن يؤسس لما قوّم اجتماعية، انمائية، جنوبية ومنها إلى كل لبنان حتى يؤمّن الحد الأدنى من البنى التحتية من المدارس من المؤسسات الاجتماعية التي من شأنها أن تعزز الصمود في الجنوب وتداعم أسس المقاومة التي أسسها.

إكنا- حدثنا عن دور الإمام السيد موسى الصدر في جمع السياسة والديانة(الدين)؟
 
الأب الدكتور عبدو كسم: دون شك أن الإمام الصدر هو ظاهرة دينية في الأساس ومن عائلة متمسكة بأهداف الدين ومن عائلة معروفة في انتمائها الديني وهو سيد من السيّاد وبالتالي هو معمم وله هذه الصبغة الدينية. لكن كما قلت انّ الغبن اللاحق في المناطق الجنوبية والاعتداءات المتكررة التي كانت تطال الجنوب اللبناني جعلت هذا السيد المعمم الإمام الصدر أن يتخطى دوره الديني إلى العمل السياسي لأنّه كان يؤمن أنّه بهذه السياسة، السياسة الوطنية التي هي أكثر ما يكون أقرب إلى السياسة النبيلة لأنّه رجل دين، انخرط في العمل السياسي ولكنّه اتقن فن السياسة وحافظ على نوع من السياسة التي تحافظ على وجهه كسيّد وكرمز ديني.بمعنى أنّه تعاطى السياسة من بابها الواسع وليس من باب المكاسب الرخيصة. وبالتالي لم تشوّه السياسة صورة هذا السيد الذي عرف كيف يجمع بين الدين والسياسة. 

إكنا- اليوم ما هي الدروس التي يجب أن نتعلمها من الإمام السيد موسى الصدر؟
 
الأب الدكتور عبدو كسم: إنّ أفكار الإمام موسى الصدر هي أفكار بنّاءة دون شك، فهو سيد، شيعي، معمم، منفتح. أسس إلى ضرورة الحوار المسيحي الإسلامي وعاش هذا الحوار بكل أبعاده وطبّق هذا الحوار بكل أبعاده وحاول جاهدا أن يدفع بطائفته إلى سائر في مسيرة الحوار الداخلي. وبالتالي كان رمزاً من رموز الحوار المسيحي الإسلامي وعاش هذا الحوار، صلّى في الكنائس، خطب في الكنائس كما في المساجد كما في الحسينيات ووقف جنباً إلى جنب كل مظلوم وضعيف بغض النظر عن انتمائه الطائفي سواء أ كان مسلماً أم مسيحياً أم درزياً أم سوى ذلك. وبالتالي الدرس الحقيقي الذي يجب أن نكتسبه من معاشق الإمام موسى الصدر الانفتاح إلى الآخر والتأمل معه بغض النظر عن طائفته كإنسان وتعزيز الحوار بين مكونات الوطن الواحد وبين اللبنانيين وغيرهم؛ يعني الحوار على الصعيد الداخلي والحوار على الصعيد الخارجي. هذا ما عاشه الإمام الصدر والدرس الكبير الذي ميّزه يعني أسس رجال الدين المسيحين والمسلمين ما يسمّى بهيئة نصرة الجنوب، عملوا سويّة بتعامل مطلق لإنماء الجنوب وإبعاد شبه الفتنة وتعزيز الحوار المسيحي الإسلامي.

إكنا ـ أي بُعد من الأبعاد المختلفة لشخصية الإمام السيد موسى الصدر الأبرز برأيك؟
 
الأب الدكتور عبدو كسم: دون شك البُعد الإنساني، السمح، شخصية صادقة مع ذاتها، صادقة مع الآخرين، شخصية مثقفة، شخصية وطنية ولها بُعد وطني كبير. وبكلمتين أختصر، البُعد الأساس هو البُعد الإنساني الحواري. نحن نفتقد هامة وطنية كبيرة، كانت تؤسس للحوار الإنساني بكل أبعاده بين مختلف المذاهب والطوائف اللبنانية.

إكنا- ما هي الرسالة التي يمكن أن يحملها الإمام السيد موسى الصدر للمجتمع اللبناني اليوم؟
 
الأب الدكتور عبدو كسم: نحن اليوم في لبنان في هذا الظرف بالذات أحوج ما نعود إلى أفكار الإمام المغيب موسى الصدر الذي تكلم عن بلد لبنان بلد رسالة وقال: إنّ الطوائف في لبنان نعمة وامّا الطائفية فهي نقمة. للأسف نحن اليوم نعيش نقمة الطائفية في لبنان. فهناك توتر شديد من مختلف المذاهب والطوائف في لبنان. هذا التوتر ناتج عن التوتر السياسي من مختلف الأحزاب الذي ينعكس على التوتر بين الناس، إذ إنّ الأحداث تشتعل على وقع الوتر الطائفي. اليوم يجب على كل اللبنانيين أن يستذكروا ويستحضروا أفكار الإمام موسى الصدر في أن نجمع الطوائف نعمة في لبنان ومنها جسر تواصل.وبالتالي يجب نبذ كل أفكار تعصب مذهبي-ديني وتعزيز عملية الحوار الداخلي اللبناني على قاعدة أنّ لبنان هو بلد للجميع وهو بلد رسالة، رسالة بين الطوائف، رسالة محبة ورسالة سلام. نحن اليوم نفقد هذا الجو وعلينا أن نعود إلى كتاب الإمام الصدر؛ الكتاب الذي يقول: إنّ لبنان هو رسالة. وعلينا جميعاً أن نعيش كإخوة مع بعضنا البعض.
captcha